تحفيز الابتكار في عصر السيارات الكهربائية

نجحت السيارات الكهربائية في كسر هيمنة نظيراتها ذات محركات الاحتراق الداخلي التقليدية على سوق السيارات، حيث تصدرت أبرز المنتجات خلال العقد الجاري بفضل قدرتها على خفض الانبعاثات الكربونية في قطاع النقل على الطرقات ودعم السائقين في تحقيق الوفورات من ثمن الوقود.

وأشار استبيان تم إجراؤه بتفويض من شركة جنرال موتورز إلى أن الوعي العام بمفهوم امتلاك سيارة كهربائية يصل إلى 95% في دولة الإمارات، حيث يسعى 7 من بين كل 10 مستهلكين إلى فهم النموذج الفعال من حيث التكلفة للسيارات الكهربائية. والجدير بالذكر أن معوقات شراء سيارات هجينة أو كهربائية تختلف بين منطقة وأخرى نتيجة التباين الكبير في التكلفة والبنية التحتية. وتمتاز السيارات الكهربائية بتكاليف أقل بكثير مقارنة بالسيارات العاملة بالوقود في دولة الإمارات، نتيجة انخفاض تكلفة الوقود والصيانة، كما أن السيارات الكهربائية تفقد 5% فقط من قيمتها مقابل 20% لنظيراتها ذات محركات الاحتراق الداخلي.

ولا يزال هناك قصور في البنية التحتية للسيارات الكهربائية على مستوى العالم، ولكنها تشهد تحسناً ملحوظاً. وفي دولة الإمارات، تعمل هيئة كهرباء ومياه دبي على زيادة عدد محطات الشحن لتصل إلى 1,000 محطة بحلول عام 2025. كما تتبدد المخاوف بشأن التلوث الناجم عن البطاريات والمسافة التي يمكن للسيارة قطعها، وذلك لازدياد سهولة الوصول إلى المعلومات حول السيارات الكهربائية واعتماد ممارسات أكثر مراعاة للبيئة في قطاع السيارات.

وافتتحت دولة الإمارات أول مصنع للسيارات الكهربائية في عام 2022، لتلبية الطلب المتزايد على التنقل الأخضر وتحقيق أهداف الحياد الكربوني. ويقع المصنع في مدينة دبي الصناعية وبلغت تكلفته 408 مليون دولار أمريكي، ومن المتوقع أن تصل طاقته الإنتاجية إلى 55 ألف سيارة كهربائية سنوياً. وتساهم هذه الحوافز الحكومية وتوحيد اللوائح التنظيمية في دفع الشركات المصنعة إلى الاستثمار في إنتاج السيارات الكهربائية لتتنافس مع علامات مثل تيسلا وبي إم دبليو وأودي ومرسيدس بينز.

وتشهد السيارات الكهربائية إقبالاً متزايداً، حيث تشير التوقعات إلى بلوغ مبيعات السيارات الكهربائية 14 مليون سيارة في عام 2023، ما يمثل 18% من إجمالي مبيعات السيارات العالمية في هذا العام لوحده. وعلى الرغم من تنامي اهتمام العملاء بالسيارات الكهربائية، إلا أن معظمهم يفتقر للوعي بمزاياها

كما أن الانتقال الكامل من الاعتماد على محركات الاحتراق لن يحدث بسرعة، لأن التحول نحو السيارات الكهربائية يتطلب الوقت والمال. ويبقى السؤال حول كيفية تحفيز المستهلكين لتسريع وتيرة التحول ودعمه. ويشهد هذا القطاع الجديد تطوراً سريعاً، لذا يتعين أكثر من أي وقت مضى مواصلة جهود الابتكار في القطاعات الداعمة، مثل زيوت التشحيم، بما يتيح للمستهلكين تحقيق مستويات رفيعة في أداء سياراتهم والحصول على فكرة واضحة حول مزايا امتلاك السيارات الكهربائية.

 

إقبال المستهلكين

يسود الاعتقاد بأن السيارات الكهربائية أو الهجينة توفر مزايا طويلة الأمد في العديد من الجوانب، بما فيها الصيانة والتكاليف والراحة وحماية البيئة. وتشكل السيارات الكهربائية العاملة بالبطارية النوع الوحيد المتاح في الأسواق حالياً من السيارات الكهربائية، على الرغم من وجود نوعين من السيارات الهجينة (السيارات الكهربائية الهجينة، والسيارات الهجينة القابلة للشحن)، والتي تتطلب كل منها احتياجات صيانة مختلفة. فعلى سبيل المثال، تتطلب السيارات الكهربائية صيانة خاصة تقتصر على هذا النوع من السيارات، مثل  تبديل سوائل التشحيم الخاصة بتروس تخفيض السرعة والسوائل في أنظمة التبريد. وعادةً ما تجتذب متطلبات الصيانة البسيطة هذه المستهلكين المهتمين بالسيارات الكهربائية، ولا سيما مع وجود تسهيلات، مثل مبادرة الشاحن الأخضر التي أطلقتها حكومة دبي، والتي توفر الدعم والتحليلات الموثوقة من خلال تطبيق ذكي لتحفيز اعتماد السيارات الكهربائية في الإمارة.

ويأتي توجه المستهلكين اللافت لشراء السيارات الكهربائية في السنوات الأخيرة نتيجة أسباب عدة، بما في ذلك توفر العديد من طرازات السيارات الكهربائية وبأسعار مختلفة، واكتساب مصادر وخبراء الصيانة المتخصصين مزيداً من الثقة، فضلاً عن تحسّن المنتجات الاستهلاكية وتوفرها بشكل أكبر. كما يشهد العالم اليوم جهوداً لتصحيح المفاهيم الخاطئة حول التأثير السلبي لعمليات إنتاج السيارات الكهربائية وبطارياتها ونفاياتها على البيئة، ما يساعد على تحفيز التغيير في المجالات التي هي بحاجة قصوى إليه.

نظرة للمستقبل: إحراز التقدم ومواكبة الطلب

تتواصل جهود الابتكار في المواد والتقنيات الرقمية المخصصة للسيارات الكهربائية والهجينة، حيث نجحت الأسواق العالمية في مواكبة الطلب المتزايد على البطاريات وموادها الخام، فضلاً عن استمرار تقييم وتحسين التقنيات الناشئة في قطاع السيارات في مجال عمليات التصنيع أو السيارات نفسها، حيث تلتزم كبرى شركات تصنيع السيارات بتخصيص نسبة تتراوح بين 50% و70% من النفقات الرأسمالية وميزانيات البحث والتطوير لجهود التحول الرقمي.

كما تتوسع سلاسل توريد السيارات الكهربائية وتكتسب مزيداً من الأهمية أثناء وضع السياسات، ما يساعد على إحداث التغييرات اللازمة، غير أنه يتعين توسيع نطاق عمليات التصنيع خارج الصين. كما يجب على علامات السيارات توفير منتجات تتخطى متطلبات السوق والمستهلكين اليوم لتواكب احتياجات القطاعات والمستهلكين في المستقبل، ولا سيما مع استمرار تطور هذه الجوانب في سوق السيارات الكهربائية.

الابتكار في قطاع السيارات الكهربائية اليوم

تتطور الابتكارات في سلسلة التوريد والقطاعات المرتبطة بالسيارات، ما يضمن وصول المستهلكين إلى أفضل منتجات السيارات الكهربائية على مدى السنوات العشر القادمة. وأصبحت سلاسل التوريد أكثر كفاءة واستدامة، حيث يشكل تراجع الاعتماد على البلاستيك في التغليف خطوة صغيرة ولكنها مهمة في تحسين ممارسات الحد من المخلفات.

ويحرص مركز البحث والتكنولوجيا التابع لشركة بتروناس العالمية لزيوت التشحيم على مواصلة تطوير تكنولوجيا زيوت التشحيم، ويأتي ذلك في ظل حاجة القطاع إلى تحسين قدرته على توقع احتياجات الطرازات الكهربائية والهجينة الجديدة، والتي تتزايد من حيث الحجم والتنوع. وتساعد الشراكات والابتكارات في مجال التكنولوجيا على التصميم المشترك وتسريع وتيرة الابتكار الفعال، حيث تلعب زيوت المركبات الكهربائية، مثل منتجات بتروناس أيونا، دوراً محورياً في مواكبة الجيل الأحدث من السيارات الكهربائية، فضلاً عن الزيوت المخصصة للمحركات الهجينة، مثل بتروناس سنتيوم هايبرد. كما تعمل شركات القطاعات الداعمة بدورها على تحفيز التقدم في قطاعاتها، حيث تشكل الشراكات مع مصنعي المعدات الأصلية بشكل خاص عاملاً أساسياً في الابتكار والارتقاء بأداء المنتجات، إلى جانب تلبية المتطلبات البيئية التي تزداد صرامة أو حتى السعي لتخطيها.

تنفيذ الممارسات المستدامة

يحتاج العالم إلى سنوات عديدة لتحقيق انتقال فعلي إلى مركبات الطاقة الجديدة، وعلى الرغم من التوقعات باستحواذ السيارات الكهربائية على نسبة 60% من مبيعات السيارات الجديدة بحلول عام 2050، إلا أن غالبية السيارات المستخدمة على الطرقات ستكون عاملة بالوقود بشكل من الأشكال. وبصرف النظر عن هذا التأخر، يجب علينا الالتزام بالممارسات المستدامة بدءاً من اليوم، لا سيما أن المستهلكين يتطلعون إلى الحصول على التوصيات.

ويبرز السؤال حول السبل التي تتيح للمستهلكين الحصول على سيارات صديقة للبيئة والبدء برحلتهم الخاصة لدعم الاستدامة. يمكن البدء في الخيارات المتوفرة فيما يتعلق بالممارسات المستدامة، حيث يستطيع مالكو السيارات العاملة بالوقود استخدام منتجات مستدامة للصيانة السنوية، سواء كانت مغلفة بمواد قابلة لإعادة التدوير أو معاد استخدامها، أو اعتماد حلول تكنولوجيا السوائل المتقدمة، مثل بتروناس سنتيوم، التي تقلل استهلاك الوقود بنسبة 3%. وما نزال بحاجة إلى توفير حلول لجميع أنواع السيارات على الطرقات اليوم وفي المستقبل.

مستقبل القطاع

يحظى قطاع السيارات الكهربائية والهجينة بمستقبل واعد، حيث سيشهد ازدهاراً كبيراً، لا سيما مع جهود الحكومات المستمرة لتنظيم هذا المجال والاستثمار في البنية التحتية للسيارات الكهربائية، ومواصلة قطاع السيارات والقطاعات المرتبطة به تقديم ابتكارات جديدة. وستتمحور التطورات الكبيرة التالية على الأرجح حول التحول الرقمي وأنظمة إدارة البطارية والسيارات ذاتية القيادة، إلا أنه يتعين مواصلة التركيز على احتياجات العملاء مع تطور السيارات الكهربائية والهجينة، حيث يمثل ذلك السبيل الوحيد للوصول معاً إلى مستقبل مستدام ومثمر.