شاحنات دايملر تربط شاحناتها بالإنترنت

بعد انقضاء 120 عاماً على اختراع الشاحنة، تحضر “شاحنات دايملر” الشاحنة إلى العصر الرقمي. وبالقيام بذلك، تستعرض الشركة الرائدة عالمياً في تصنيع الشاحنات، قدراتها التكنولوجية في مجال الاتصال، وتعمل على تعزيز منهجيتها القيادية على مستوى العالم عبر الشاحنات المتصلة بالشبكة. ففي 21 مارس 2016، وعلى الطريق السريع A52 بالقرب من دوسلدورف بألمانيا، قدّمت “شاحنات دايملر” نموذجاً مدهشاً للإمكانات الواعدة التي تتيحها تقنيات الاتصال الرقمي للشاحنات؛ فقد انطلقت ثلاث شاحنات متصلة بشبكة “واي فاي” تتم قيادتها بشكل ذاتي دون تدخل السائق على الطريق السريع مع تصريح للسير ضمن حركة المرور العامة ضمن ما يُسمّى بأسطول للنقل. واستناداً إلى نظام الملاحة على الطرقات السريعة من “شاحنات دايملر” والخاص بالشاحنات الثقيلة التي تتم قيادتها بشكل ذاتي، ارتبطت الشاحنات الثلاث لتكوين أسطول للنقل بتشكيلة تضمن أفضل أداء للديناميكية وتنقل مؤتمت بشكل كامل. وتُطلق “شاحنات دايملر” على هذا الابتكار المتطوّر نظام الربط الملاحي على الطرقات السريعة.

وتُحدث الشاحنة المتصلة بالكامل تغييراً جذرياً في منظومة النقل، مما سيجعل من حركة المرور أكثر فعالية وكفاءة – ليس للسائقين ومتعهّدي النقل ومصنّعي السيارات وحسب، بل وأيضاً للمجتمع بأسره. ويمكن لهذا المزيج أن يقلّل من استهلاك الوقود بنسبة تصل إلى سبعة في المائة، وأيضاً تقليل متطلبات مساحة الطريق على المسارات السريعة بحوالي النصف – وفي الوقت نفسه تحسين سلامة الحركة المرورية.

بيرنهارد: “نقوم بإنشاء شبكة لوجيستية مفتوحة وجديدة وعالية الكفاءة”.

يفسّر الدكتور فولفغانغ بيرنهارد، عضو مجلس الإدارة لدى “دايملر إيه جي” والمسؤول عن شاحنات وباصات دايملر: “نعمل على ربط الشاحنة بالإنترنت، مما يجعلها نقطة البيانات الرئيسية ضمن الشبكة اللوجيستية. وتقوم بربط كل الأطراف المعنية بالبضائع: السائقون، ومسؤولو الجدولة، ومشغلو الأساطيل، والورش، والمصنعون، وشركات التأمين أو السلطات المختصة. إنهم يتلقّون المعلومات في الوقت الحقيقي والتي كانت غير متاحة في السابق: حول أوضاع الشاحنة والمقطورة، وحركة المرور والظروف الجوية، وتوافر المواقف في محطات الخدمة على الطرقات السريعة، وأماكن الاستراحات، وغيرها الكثير”.

ويقول بيرنهارد: “ترتبط شاحناتنا بصورة متكاملة مع بيئاتها، لتصبح جزءاً من شبكة الإنترنت؛ فترسل وتستقبل المعلومات باستمرار. ويمكن لجميع الأطراف المعنيين بالعملية اللوجيستية استخدام هذه البيانات المتوفرة في الوقت الحقيقي لتلبية متطلباتهم. وفي المستقبل، سيكون من الممكن، على سبيل المثال، تقليل أوقات الانتظار أثناء التحميل والتفريغ، والحد من المعاملات الورقية، وتجنّب الازدحامات المرورية. ومع التحديثات السريعة اللاسلكية أو التحويل الآلي لزمن انتقال الشاحنات لنقطة الخدمة، يمكن تقليل الزمن اللازم للصيانة بشكل كبير. وبهذه الطريقة، نعمل على تحسين الأداء بصورة ملموسة ضمن منظومة نقل البضائع ككل. إنها فرصة واعدة حقاً لمواكبة الحجم المتنامي من حركة البضائع. ونعتزم استخدامها دون شك”.

وحضر هذه الفعالية البارزة في دوسلدورف، الكاتب والباحث الاجتماعي والمستقبلي، جيريمي ريفكين، حيث قال: “اليوم، تضع دايملر أسس الثورة الصناعية الثالثة. ففي عصر إنترنت الأشياء، ستكون الأدوات والمكائن مجهّزة بالمستشعرات، والتي توفر باستمرار تدفقاً للمعلومات في الوقت الحقيقي. ومن شأن ذلك أن يُغيّر جذرياً من الطريقة التي نؤدي بها الأعمال. إن إنترنت الأشياء تزخر بفرص جديدة كلياً”.

400 مستشعر في شاحنات دايملر اليوم تُسجّل البيانات بكافة أنواعها

يشكّل نقل البضائع عالمياً مطلباً أساسياً للنمو الاقتصادي. ومع ذلك، يحتاج نقل المزيد من البضائع في المستقبل إلى حلول مبتكرة، إذا ما أردنا بالطبع تجنّب الاختناقات المرورية. ولعل أحد الأساليب المركزية يتمثّل في ربط الشاحنات كلياً بإنترنت الأشياء. وتزخر شاحنات دايملر الذكية بالإمكانات لإحداث تغيير دراماتيكي في منظومة نقل البضائع عبر الطرقات خلال السنوات المقبلة. وبالفعل، توفر “شاحنات دايملر” اليوم معلومات قـيّمة إلى حد لا يمكن تصوّره سابقاً، وذلك مع حوالي 400 من مستشعراتها في كل مركبة، والتي تتصل بالكامل ببرنامج يتضمن 130 مليون سطر من التعليمات البرمجية – أكثر من طائرة للركاب.

ويقول الدكتور فولفغانغ بيرنهارد: “بالنسبة إلى كفاءة العملية اللوجيستية، تعتبر البيانات في الوقت الحقيقي عنصراً ضرورياً للغاية، وتوفر شاحناتنا هذه البيانات. لذا، نستثمر حوالي نصف مليار يورو حتى عام 2020 لربط شاحناتنا ببيئاتها، ولتطوير تطبيقات خاصة جديدة. وسيُحسّن ذلك من أداء العملاء فيما يتعلق بإدارة أعمالهم بشكل أكثر أماناً ومواءمة للبيئة. وسوف تساهم كل من “فليت بورد” و “ديترويت كونيكت” بشكل ملحوظ في الاستفادة من الإمكانات غير المستغلة سابقاً في النقل على الطرقات – سواء في الأسواق الثلاث المتطوّرة للغاية، أو الاقتصادات الناشئة في إفريقيا آسيا وأميركا اللاتينية”.

لطالما كانت “فليت بورد” في صدارة خدمات الاتصال عن بُعد للشاحنات منذ 15 عاماً – وفي المستقبل، سوف تكون النواة للحلول والخدمات الرقمية الجديدة

ليست تقنيات الاتصال بمجال جديد بالنسبة إلى “شاحنات دايملر”. فلقد أرست الشركة التابعة “فليت بورد” أعلى المعايير في تقنيات الاتصال عن بُعد لمرسيدس-بنز منذ العام 2000، وهي تعتبر من بين أبرز المزوّدين المبدعين وأكثرهم نجاحاً في العالم. وتجمع “فليت بورد” ثروة من البيانات الموضعية والحركية والمكانية من المركبات، وترسلها إلى المقر الرئيسي عبر الهواتف المتحركة. وفي الوقت الراهن، هناك حوالي 180,000 مركبة تتضمن أنظمة “فليت بورد”، وهي قيد التشغيل مع حوالي 6000 عميل.

ويقول ستيفن بوشنر، رئيس “شاحنات مرسيدس-بنز”: “عندما تم طرح أول هاتف آيفون في نوفمبر 2007، كان عملاؤنا يستخدمون “فليت بورد” منذ سبع سنوات. وطوال أكثر من 15 عاماً، كان باستطاعتهم حتى الآن التحكم بأساطيلهم، وإدارة فريق السائقين بكفاءة، سواء ضمن شاحناتهم من مرسيدس- بنز، أو ضمن الشاحنات من مصنّعين آخرين. ولم يكن لأحد خبرة وتجربة مميزة في هذا المجال أكثر من شاحنات مرسيدس-بنز”.

ومن أجل ضمان أن تبقى في صدارة تطوير الحلول الرقمية الجديدة ذات الصلة بالشاحنات المتصلة، تؤسس مرسيدس-بنز في الأول من أبريل 2016 القسم الجديد للحلول والخدمات الرقمية برئاسة الدكتورة دانييلا غيرد توم ماركوتن، والتي تحظى بخبرة متمرّسة تمتد لعدة سنوات في مجال تكنولوجيا المعلومات لدعم تقنيات الاتصال عن بُعد للمركبات. وستعمل هذه الوحدة، التي سترتكز أيضاً على جهود “فليت بورد”، على توجيه كافة النشاطات المتعلقة بالتطبيقات الرقمية للمركبات التجارية من مرسيدس-بنز، وذلك عبر تعاون وثيق مع الأقسام الأخرى للشركة.

أساطيل الشاحنات المستقلة تقلل من استهلاك الوقود وانبعاثات ثاني أكسيد الكربون

تتطلّب الشاحنات المتصلة ضمن أسطول ما مساحة في حدود 15 متراً فقط بدلاً من 50 متراً فيما بينها. وتؤدي هذه المسافة القصيرة بشكل ملحوظ إلى تقليل الإحتكاك الديناميكي الهوائي إلى حد كبير، وبما يشابه الهواء المُزاح من الطواف في مسابقات الدراجات الهوائية. وبهذه الطريقة، يمكن لأسطول من ثلاث شاحنات أن تحقق توفيراً في الوقود بحوالي سبعة في المائة، وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بالمقياس نفسه.

وبالتوازي مع ذلك، يسمح تشكيل الأساطيل بتحقيق كفاءة أعلى لاستخدام الحيز المروري على الطريق؛ وبفضل المسافة الأقصر بين المركبات، يكون للأسطول المتكوّن من ثلاث شاحنات مرتبطة طولاً بمقدار 80 متراً فقط. وفي المقابل، فإن ثلاث شاحنات غير متصلة إلكترونياً تحتاج إلى ما مجموعه 150 متراً من الحيز المروري على الطريق. وفي الوقت نفسه، فإن تشكيل الأساطيل يجعل الحركة المرورية أكثر أماناً: ففي حين أن شخص ما خلف عجلة القيادة يتمتع بزمن استجابة قدره 1.4 ثانية، ينقل نظام الربط الملاحي على الطرقات السريعة إشارات الفرملة إلى المركبات في الخلف في أقل من 0.1 ثانية. ويمكن لزمن الاستجابة المنخفض بشكل ملحوظ أن يساهم بفاعلية في الحد من الاصطدامات من الخلف مثلما قد يحدث عند مواجهة الاختناقات المرورية على الطرقات السريعة.

مزايا رئيسية: توجيه تلقائي أيضاً في حال عدم الاتصال بالأسطول

إن الميزة الأبرز لنظام الربط الملاحي على الطرقات السريعة هي كالآتي: بسبب هذه التكنولوجيا، تستمر كل شاحنة ضمن الأسطول في القيادة بشكل مستقل. وباستطاعتها الحفاظ على مسارها بحرية، وبفضل مزيج من الإرشاد الخطي والجانبي، يمكنهم الاستجابة والتفاعل مع المواقف غير المتوقعة في أي وقت. وينطبق ذلك أيضاً على المركبات الأخرى التي تنضم أو تغادر حيّز الأسطول. وفي هذه الحالة، يمكن للمركبة أن تنفصل بسلاسة عن الأسطول، وأن تستمر وحدها في وضعية مستقلة. ولا يحتاج السائق إلى التدخّل.

وأصبح ربط ثلاث مركبات أو أكثر فيما بينها أمراً مثيراً للغاية في الدول التي تزخر ببنى تحتية مواتية. ففي الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا على سبيل المثال، تقطع الشاحنات مسافات طويلة دون جسور أو مخارج على الطرقات السريعة التي تعبر القارة بأكملها.

التركيز على أمن البيانات

تأتي حرية العملاء لتقرير المصير في صدارة أولويات دايملر، وذلك عندما يشكّل استخدام الخدمات المتصلة مصدراً للقلق. وتُرفق دايملر معايير الحماية العالية والأمان للبيانات بجهودها التطويرية في تلك المجالات التكنولوجية والإبداعية الجديدة. وفي حالة “فليت بورد”، فإن الكمبيوترات فائقة الأداء بالمركز الأوروبي للبيانات لشركة “دايملر إيه جي” في شتوتجارت، تضمن معالجة البيانات بأمان، وتحويلها المشفّر على مدار الساعة. من هنا، فإن أمن البيانات في “فليت بورد” يرتقي إلى أعلى المعايير المستخدمة في البنوك.

الخبراء يتوقعون نمو حركة نقل البضائع عبر الطرقات عالمياً بثلاثة أضعاف بحلول عام 2050

ما زالت الدول الأوروبية تنقل 75 في المائة من بضائعها عبر الطرقات. ويتوقع الخبراء أن تنمو حركة البضائع التي يتم نقلها عبر الطرقات على مستوى العالم بثلاثة أضعاف بحلول عام 2050. ومن خلال ربط الشاحنات بالمركبات الأخرى وبمحيطها، يمكن تنظيم قطاع نقل البضائع بأكمله ليكون أكثر أماناً وسرعة، وفي الوقت نفسه أكثر مواءمة للبيئة. وفي ضوء زيادة تدفق البضائع، والضغوطات المترتبة على البنية التحتية، والبيئة الحسّاسة، تعتبر هذه الجوانب بمثابة آفاق واعدة جداً للمجتمع، ولكل الأطراف المعنية بنقل البضائع.

{"autoplay":"true","autoplay_speed":"3000","speed":"300","arrows":"true","dots":"true","rtl":"true"}